لم تُخطئ وزيرة الخارجيَّة الأمريكيَّة هيلاري كلينتون عندما وَصَفَتْ عرض رئيس الوزراء الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو بوقفٍ جزئيٍّ للاستيطان يستثني القدس بأنَّه "غير مسبوقٍ"، رغم أنَّها تصريحاتُ خطيرةُ على القدس بحدِّ تعبير الأنظمة العربيَّة الرَّسميَّة، مثل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
لم تخطيء السَّيِّدة هيلاري، رغم مخالفة ما قالته لما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه بالقاهرة يونيو الماضي، لأنَّها تُواصل خُطَّة التَّعمية على الرَّأيِّ العام، وتسعى لتحقيق أهدافها التي اتَّهمتْ بسببها في عام 1993م، بالبرود بعد صَمْتِها علي فضيحة مونيكا لوينسكي، والتي أكَّد المُراقبون وقتها أنَّها فَعَلَتْ ذلك لخدمة أهدافها السِّياسيَّة المُستقبليَّة.
هيلارى كلينتون تزعم عزم أمريكا إنهاء كافَّة الأنشطة الاستيطانيَّة إلى الأبد، وتأكيد حلِّ الدولتَيْن، رغم أنَّ النَّتيجة ونهاية النَّفق لن يجد فيه العرب والمسلمون شيئًا؛ لأنَّ هناك حقائق الأرض والعرض والثأر، تُريد أنْ تسمحها هذه الوزيرة من دائرة الجَدَلِ والصِّراع، وهي حقائقَ قانونيَّةٌ يُقرُّها القانون الدَّوليُّ قبل القانون الإلهي!
إنَّني مُندهشٌ حقًّا من غَضَبِ النِّظام المصريِّ من تصريحات كلينتون حول المغتصبات، ومقابلتها لمناقشة تصريحاتها، رغم أنَّه هو الذي لا زال يمارس، وبقوَّةٍ، سياسيات إطباق الحصار على قطاع غزَّة، ويقتل أبطال المقاومة في سجونه.
إنَّ الأزمة في رأيي ليس في جلوسها مع مبارك الأب أو مع أيِّ مسئولٍ عربيٍّ تُناقش معه الوهم في حلِّ القضيَّة الفلسطينيَّة، ولكن في تعطيل الأنظمة العربيَّة لعقولها، ولتعامي أبصارهم مع أرشيف مُقابلاتهم مع المسئولين الأمريكيِّين، حتي باتت الِّلقاءات الثُّنائيَّة نسخةٌ مُكرَّرةُ مهما تباعدت السَّنوات.
إنَّ الأزمة الحقيقيَّة في الاستعانة بالمُسكِّنات، وفي التَّحالُف العربيِّ مع السِّياسات الأمريكيَّة، ولذلك فمن الحقِّ أنْ نستنتكر مواقف مبارك الأب أو أيِّ مسئولٍ عربيٍّ جلس مع هذه "الباردة" !!، قبل أنْ نندهش لآراء مسئولةٍ داست على كرامتها وجمَّدت أعصابها من أجل "الوصول"!!
إنَّني أدعو إلى استمرار المقاومة في كلِّ مكانٍ، مُقاومةً للفساد والاستبداد، ومقاومةً لإلغاء حقائق الصِّراع الفلسطينيِّ الصُّهيونيِّ، من أجل غدٍ أفضل تتحرَّر فيه القدس، وتعود الأرض حُرَّةً مُستقلَّةً نظيفةً، بلا مُجرمين.
القاهرة في 13 نوفمبر 2009م
0 تعليقات:
Post a Comment