الإخوان المسلمين.. انشقاقاتٌ.. ولكن هل من تأثيراتٍ؟!...


   
انقسامات الإخوان المسلمين.. هل تمتد إلى التَّنظيم الأم؟!
-    أزمة شائعة استقالة فضيلة المُرشد العام أثارت تساؤلاتٍ عن مدى تماسك الجماعة الأُم
-    ما بين الأردن والجزائر تباين في أسباب الانقسام وشكله

كتب: أحمد التلاوي وعبد العظيم الأنصاري
جَرَتْ تحت الجسور في الآونة الأخيرة الكثير من المياه، فيما يخص الواقع التَّنظيميِّ لجماعة الإخوان المسلمين عبر العالم العربيِّ؛ حيث عبرت الجماعة في أكثر من قطرٍ عربيٍّ بعض الأزمات، التي تمَّ احتواؤها كما في الحالة المصريَّة، فيما يخص الأزمة التي ثارت بشأن ما قيل عن تقديم فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف استقالته على خلفيَّة مُشكلة تصعيد الدكتور عصام العريان إلى عضويَّة مكتب الإرشاد.
وفي حالاتٍ أخرى، لم تمر الأمور مرور الكرام؛ حيث وقع انشقاقٌ بالفعل في الحالة الجزائريَّة نتج عنه خروج جبهة الدَّعوة والتَّغيير من عباءة حركة مجتمع السِّلم (حمس)، وفي حالة إخوان الأردن، جاءت استقالة أربعة قيادات من المكتب التَّنفيذيِّ على خلفيَّة أزمة تسريب تقريرٍ للمكتب ينتقد الحكومة الأردنيَّة، لتقول إنَّ الأمور هناك ليست على ما يُرام.
وفي هذا الإطار، فإنَّ هناك العديد من التَّساؤلات حول مثل هذه الأزمات، ومن بينها ما هي أسبابها، وما هو عمق تأثيرها في هذا الإطار على الحراك الإصلاحيِّ والسِّياسيِّ العام للجماعة، سواءً بشكلٍ عامٍ أو فيما يخص أوضاع التَّنظيمات القُطْريَّة.
وقبل الإشارة إلى ما جرى في الجزائر والأردن، يجب أولاً الاتفاق على أنَّ جماعة الإخوان المسلمين تعاني في جميع أنحاء العالم العربي من حصار ومحاربة الأنظمة السِّياسيَّة الحاكمة، لها، وهو ما يُؤثِّر سلبًا على قُدرة الجماعة على التَّحرُّك بحُرِّيَّةٍ أكبر تُمكِّنُها من تلافي بعض الخلافات التَّنظيميَّة أو الفكريَّة أو غيرها؛ حيث تتسبَّب الضُّغوط الهائلة التي تقوم بها الأنظمة الحاكمة على الجماعة في العالم العربي في إحداث بعض الانشقاقات نتيجة الخلافات المتعلقة بشأن كيفيَّة مواجهة هذه الضُّغوط.
مشكلةٌ مُزمنةٌ.. ولكن!!
في المقابل تُعاني الجماعة كذلك من عدد من المشكلات المزمنة، وعلى رأسها ترحيل الأزمات الداخلية، مثلما يتم ترحيل المواجهة مع النِّظام السِّياسيِّ، بالرَّغم من أنَّ هناك فارقًا بين الحالتَيْن، ففي حالة ترحيل المُواجهة مع النِّظام، فإنَّ الجماعة تحتفظ لنفسها ببعض المكاسب التي ربما ترى أنَّها أفضل من المواجهة الغير محسوبة.
ولكن في حالة ترحيل الأزمات الدَّاخليَّة- داخل الجماعة- فإنَّ التَّرحيل لا يقضي على المُشكلة من جذورها، إلى أنْ يأتي أجلها فتنفجر، وتُسْفِر غالبًا عن انشقاق أو اعتزال المُخالفين للجناح المُسَيْطِر على رأس الجماعة، وكأنَّها هنا تقوم بدور الأم التي تتمخَّض عثراتها عن أبناءٍ آخرين ينتهجون نهجهم الخاص، ولكنَّه- في الواقع- يبتعد كثيرًا عن تحقيق نفس الأهداف التي تتبنَّاها الجماعات الأم، ولكن في النَّهاية، فمن دون أيِّ خلافٍ، فقد مثَّلت الجماعة وحيًا لمعظم الجماعات الإسلاميَّة في العالم على اختلافها وتفاوت إستراتيجيَّاتها تجاه القضايا المُختلفة.
وفي دراسةٍ عرضها موقع (تقرير واشنطن) التابع لمعهد الأمن العالمي الأمريكيِّ، للباحث خليل العناني بعنوان "شباب الإخوان المسلمين: البحث عن طريقٍ جديدٍ"، يُؤكِّد الباحث أنَّ جماعة الإخوان المسلمين في مصر تشهد انقسامًا بين الأجيال المُختلفة داخلها، بما يمكن أنْ يُعزىَ إلى وجود خلافاتٍ هيكليَّةٍ بين جيل الشَّباب من جانبٍ، والقيادات والكوادر القديمة من جانبٍ آخر، حول مواقف الجماعة المُعلنة من حزمةٍ من القضايا، مثل الدِّيمُقراطيَّة والمُواطنة والمُشاركة السِّياسيَّة وفاعليَّة العمل السياسي للجماعة، بالاضافة إلى خلافاتٍ حول الدُّيمُقراطيَّة الدَّاخلية وآليَّات تصعيد القيادات وغيرها من القضايا التَّنظيميَّة.
ولقد دَفَعَتْ هذه الخلافات عددًا كبيرًا من شباب الجماعة من ذوي الفكر الإصلاحيِّ الدَّاعم للِّيبراليَّة السِّياسيَّة للبحث عن نهجٍ جديدٍ لتغيير نمط العمل بالجماعة، والضَّغط على قياداتهم لأخذ آرائهم في الاعتبار.
وفي فإنَّ تاريخ جماعة الإخوان المسلمين يحفل بحالاتٍ صريحةٍ من الخلافات والصِّراعات التي أثَّرت سلبًا على صورة الجماعة وقدراتها على مواجهة خصومها السِّياسيِّين؛ وقد برزت مؤخرا بوضوح ظاهرة الانشقاقات داخل فروع الجماعة التي قارب عمرها على قرنٍ من الزَّمن.
وهو ما يطرح تساؤلاتٍ أخرى كثيرةً حول كفاءة الأداء التَّنظيميِّ والسِّياسيِّ للجماعة، والتي طالما ضُرِبَ بهما المثل في القُدْرَة على التَّماسُك والصُّمود؛ خاصة في الجزائر والأردن، وما جرى مؤخرًا في مصر داخل الجماعة الأم من خلافٍ وقع بين فضيلة المُرشد العام محمد مهدي عاكف مع أعضاء مكتب الإرشاد على تصعيد القيادي الذي يُوصَف بالإصلاحيِّ الدُّكتور عصام العريان إلى المكتب ليحل محل الأستاذ محمد هلال الذي تُوفِّي مُؤخرًا.
وبعيدًا عن الخلاف اللائحيِّ في هذا المجال، فإنَّ ما يعنينا في هذا المُقام قُدرة الجماعة على احتواء خلافاتها في ظلِّ تربُّص النِّظام واتباعه على كافَّة انتماءاتهم في فترةٍ حرجةٍ من تاريخ البلاد، مع الاعتراف بنجاح الجماعة في هذا الصَّدد مقارنة بجميع الحركات والأحزاب السِّياسيَّة في مصر، وحتى مع بعض التَّنظيمات القُطريَّة للإخوان أنفسهم.
أزمة إخوان الجزائر
مثَّلت حركة مجتمع السِّلم (حمس) مُمثِّل الإخوان بالجزائر، حالةً قصوى من الانشقاق داخل صف الجماعة.
فبعد الخلافات الحادَّة التي شهدها المؤتمر الرَّابع للحركة في مايو من العام 2008م، بين بوجرة سلطاني ومنافسه على رئاسة الحركة التي تحظى بوضعٍ سياسيِّ قويٍّ في الدَّاخل، عبد المجيد مناصرة، وبالرَّغم من تَدَخُّل فضيلة المُرشد العام لجماعة الإخوان محمد مهدي عاكف، والدُّكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، للتَّوسُّط بين طرفَيْ الخلاف وحل الأزمة، إلا أنَّ عبد المجيد مناصرة فضل الانسحاب وتفجير الخلاف إلى العلن، بعد أنْ ظلَّ الخلاف مكتومًا؛ حيث أعلن مناصرة ومجموعةٌ مواليةٌ له من قيادات (حمس) تأسيس حركةٍ جديدةٍ تحت اسم "حركة الدَّعوة والتَّغيير".
وبالتَّأكيد فإنَّ تأسيس حركةٍ جديدةٍ مُنشقَّةٍ عن الحركة الأم، سوف يؤثر سلبًا على وحدة صف الجماعة بالجزائر، بعد أنْ ظلَّت سنواتٍ طويلةٍ حركةً ناجحةً ومتماسكةً، تحت قيادة مؤسسها الرَّاحل الشَّيْخ محفوظ نحناح.
المشكلة الآن ليست في الانشقاق في حدِّ ذاته، بل هي مشكلة تتعلَّق بشرعيَّة تمثيل الإخوان في الجزائر؛ حيث إنَّ مناصرة لا يقول بأنَّه انشق عن إخوان الجزائر، بل قال إنَّه يعود بالحركة إلى الطَّريق الصَّحيح بعد أنْ انحرفت عن مسارها، ولم يفعل شيئًا مُغايرًا لسياسة (حمس) تجاه القضايا الهامَّة في البلاد؛ حيث صوَّت بـ"نعم" على التَّعديل الدُّستوريِّ الذي طرحه الرَّئيس عبد العزيز بوتفليقة لفتح مُدَدِ تولِّي الرَّئاسة في الجزائر، وساعد وساند الرَّئيس كمرشَّحٍ لفترةٍ رئاسيَّةٍ ثالثةٍ، وهو ذات موقف حركة (حمس) الأساسيَّة بزعامة سلطاني؛ حيث هي أصلاً عضوٌ في المجلس الرئاسي الحاكم.
وبهذا الشَّكل لم تحدُث إضافةٌ حقيقيَّةٌ بانشقاق "حركة الدَّعوة والتَّغيير" عن حركة مجتمع السِّلم (حمس)، بل أحدث هذا الانشقاق ضعفًا في جسد التَّيَّار الإسلاميِّ في الجزائر بوجهٍ عامٍ، ويبدو أنَّ انفتاح البلاد تجاه الدِّيمُقراطيَّة ووجود أحزابٍ سياسيَّةٍ تُنافس في الانتخابات المُتعدِّدة وغياب الشَّخصيَّة الكاريزميَّة على غرار محفوظ نحناح عن الحركة، سهَّل على البعض تصوُّر امتلاك سلطةٍ بالإضافة إلى أنَّ الخلاف لم يكن بسيطًا، وإلا تمَّ احتواؤه أو الاستجابة للوساطات الثقيلة والمُتعدِّدة التي تمَّت.
أزمة إخوان الأردن
أمَّا الأردن، فهي حالةٌ خاصَّةٌ لارتباطها الوثيق بالقضيَّة الفلسطينيَّة؛ حيث إنَّ الأردن وفلسطين، خاصَّة فيما يخصُّ الضِّفة الغربيَّة، ترتبطان ارتباطًا اجتماعيًّا شديدًا، فالمفترض أنَّهما كيانٌ واحدٌ، أو كانا هكذا يومًا ما؛ حيث يحمل الكثير من سُكَّان الأردن الجنسيَّة الفلسطينيَّة، وتوجد روابطٌ وثيقةٌ بين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وحركة المقاومة الاسلاميَّة (حماس)، التي باتت هي تنظيم الإخوان في فلسطين قبل سنواتٍ قليلةٍ.
ويتمحور الخلاف داخل الجماعة في الأردن، فيما بين جناحَيْ الجماعة، أو ما يُعْرف بالحمائم والصقور، حول علاقة الجماعة بحماس، وبالتالي كيفيَّة إدارة ملف القضيَّة الفلسطينيَّة كمحورٍ رئيسيٍّ لحركتها، ومُتفرِّعٌ من ذلك قضيَّة أخرى تتعلَّق بعلاقة إخوان الأردن مع النِّظام الأردنيِّ.
وفي هذا الإطار جرت مناقشاتٌ مُطوَّلةٌ حول الهويَّة التَّنظيميَّة للجماعة، وتبعيَّة المكاتب الإداريَّة الأربعة في الخليج العربي الخاصَّة باللإخوان الأردنيِّين والفلسطينيِّين، لأحد التَّنظيمَيْن، تنظيم الأردن أو تنظيم فلسطين.
وقد بدأت هذه المشكلة عندما طلب المكتب السياسي لحركة حماس فصل العلاقة التَّنظيميَّة بين التَّنظيمَيْن ضمن رؤية يسعى من خلالها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس إلى بناء تنظيمٍ خاصٍّ لحركة حماس في فلسطين، إلا أنَّ قيادة جماعة الإخوان المسلمين اشترطت في عهد ولاية سالم الفلاحات كمراقبٍ عامٍ أنْ يُستثْنَى من قرار الفصل تنظيمات الجماعة في الدِّول الخليجيَّة، أي أنْ تظل المكاتب الإداريَّة في هذه الدِّول تتبع تنظيم الجماعة في الأردن.
وكانت وجهة نظر الفلاحات في ذلك أنَّ أعضاء هذه التَّنظيمات أردنيُّون يحملون الجنسيَّة الأردنيَّة، وهم يقضون إجازاتهم في الأردن؛ حيث عائلاتهم كما أنهم في حالة انتهاء عملهم في الخليج يعودون إلى الأردن، كما أنَّ هذه التَّنظيمات الفرعيَّة للجماعة في الخليج تمثِّل مصدرًا رئيسًا لتمويل الجماعة ومدَّها بالتَّبرُّعات.
كذلك يسعى جناح الصُّقور المُؤيِّد لحماس داخل الإخوان في الأردن، ويقوده المراقب العام ذاته الدكتور همَّام سعيد إلى زيادة تمثيل مكاتب الخليج في المكتب التَّنفيذيِّ لإخوان الأردن أربعة مقاعد إلى اثنَيْ عشر مقعدًا، وهو ما يعترض عليه جناح الحمائم.
ثُمَّ تفجرَّت الأوضاع في الثَّالث من شهر سبتمبر الجاري، قدَّم ثلاثةٌ من أعضاء المكتب التَّنفيذيِّ لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وهم الدُّكتور رحيل غرايبة وأحمد الكفاوين وممدوح المحيسن استقالاتهم من عضويَّة المكتب لأمانة السِّر في الجماعة، على خلفيَّة تطورات الملف الخاص بالعلاقات بين إخوان الأردن وحركة حماس؛ حيث تطالب أجنحة داخل الجماعة بفك الاشتباك أو الارتباط التَّنظيميِّ مع حركة حماس، بينما تُطالب البعض من الأجنحة في إخوان الأردن بالاستمرار على النَّسق التَّنظيميِّ الحالي في العلاقات مع حماس.
وسبق ذلك الحدث قرار للمكتب التَّنفيذيِّ للجماعة في الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي، بحلِّ القسم السِّياسيِّ والإعلاميِّ في الجماعة، بعد تسريب تقريرٍ صادرٍ عن القسم اعتمده المكتب التَّنفيذيِّ ورفضه مجلس شورى الجماعة، كان قد أثار إزعاجًا في أوساط السُّلطات الرَّسميَّة الأردنيَّة، بسبب ما جاء فيه من اتِّهاماتٍ للمملكة الأردنيَّة رانيا العبد الله بالتَّواطُؤ مع مشروع توطين الفلسطينيِّين في الأردن، والانخراط "في المشروع الصُّهيونيِّ الأمريكيِّ" بحسب التَّقرير.
التَّقرير الذي تمَّ تقديمه خلال جلسةٍ سابقةٍ لمجلس شورى الجماعة، عُقِدَت في 13 أغسطس 2009م، جاء فيه أيضًا أنَّ "الأردن ما يزال منخرطًا على الصَّعيد السِّياسيِّ في المشروع الأمريكيِّ الصُّهيونيِّ الذي يقضي بتصفية القضيَّة الفلسطينيَّة وفقًا للرُّؤية الصُّهيونيَّة المفروضة على المنطقة"، الأمر الذي اعتبره مُحلِّلون لهجةً غير مسبوقةٍ في خطاب الجماعة السِّياسيِّ.

وقد أكَّد الغرايبة أنَّ الاستقالةَ سببُها الرَّئيسيُّ هو قرار حلِّ القسم، الذي كان يرأسه الغرايبة، بالإضافة إلى 15 بندًا وردت في طلب الاستقالة، وفي تصريحاتٍ خاصَّةٍ لموقع (الجزيرة. نت)، قال الغرايبة: "جرى حل القسم بطريقةٍ غير معتادةٍ ودون إبلاغي أو حتى الاتِّصال بي هاتفيًّا".
ونفى أنْ تكون استقالته واستقالة العضوَيْن الآخرَيْن مقدمةٌ لانشقاقٍ في الجماعة، وقال: "نحن لنٍ نعمل على التَّصدُّع والانشقاق، وسنبقى جنودًا أوفياءَ في صفوف هذه الجماعة (..) استقالتنا تعني فقط الرُّجوع للصُّفوف الخلفيَّة لتقديم النُّصح والمشورة".
وهو ذات ما قاله أمين سر الجماعة وعضو مكتبها التَّنفيذيِّ جميل أبو بكر؛ حيث قال: "إنَّ الحركة الإسلاميَّة عصيَّةٌ على الانشقاق والانقسام، وإنَّ مبادرات التَّوفيق والإصلاح ستُنهي الخلافات داخلها إنْ شاء الله".
وقد سبق قرار المكتب التنفيذي بحل المكتب السياسي يوم الأحد 23 أغسطس 2009م، ظهور نتائج لجنة التَّحقيق التي شكَّلها المكتب، والتي تتهم أحد قادة ما يُعرَف بـ"تيَّار الصُّقور" بتسريب التَّقرير، الذي تضمَّن أيضًا استعراضًا للأوضاع السِّياسيَّة المحلِّيَّة والتَّطوُّرات الإقليميَّة، مع وضع توصيةٍ في كلِّ بابٍ من التَّقرير بتوجُّه الجماعة وموقفها وسياستها في المرحلةِ المقبلةِ، واتُّخِذَ قرار الحل بغياب الأربعة المستقيلين من أعضاء المكتب التَّنفيذي، وهم، نائب المراقب العام الدُّكتور القُضاة، والدُّكتور الغرايبة وأحمد الكفاوين وممدوح المحيسن.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الصُّحف الأردنيَّة روَّجت لأنَّ من أسباب الاستقالة "الإساءة" التي قام بها أحد قادة الصُّقور في الجماعة لتيَّار الحمائم، واتهامه لهم بـ"محاولة زعزعة التَّنظيم"، وفق مصادرٍ داخل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك في إشارةٍ إلى تصريحاتٍ أدلى بها الأمين العام السَّابق لحزب جبهة العمل الاسلامي زكي بني أرشيد، لأحد المواقع الإلكترونيَّة.
وفي تصريحه قال بني إرشيد: "هناك داخل التَّنظيم الإخوانيِّ اليوم من يحاول الاستقواء لتمرير مشروع إنتاج ما يُسمَّى التَّنظيم الأردنيِّ للإخوان المسلمين، والذي ينسجم مع الموقف الرَّسميِّ لقرار فك الارتباط" مع حركة حماس وتنظيم فلسطين [تفاصيل في فقراتٍ تاليةٍ].
ووفق التَّصنيفات المُتَّبعة في تحديد اتجاهات قيادات الإخوان في الأردن، فإنَّ الأعضاء الثَّلاثة المُستقيلين ينتمون لما يُعْرَف بـ"تيَّار الحمائم"، ومن المقرَّر أنْ تُعرَض الاستقالات على أوَّلِ اجتماعٍ لمجلس شورى الجماعة، الذي يمثل أعلى هيئةٍ قياديَّةٍ لدى إخوان الأردن (مُكوَّن من 50 عضوًا)، وكان من المفترض عقد اجتماعٍ لمجلس الشُّورى في شهر رمضان، إلا أنَّه قد تمَّ تأجيله لما بعد عيد الفطر.
وباستقالة الدكتور الغرايبة والمحيسن والكفاوين يصبح عدد المستقيلين من المكتب التَّنفيذيِّ الذي يضم 9 أعضاء، أربعة لوجود استقالةٍ سابقةٍ قدَّمها نائب المُراقب العام للجماعة الدُّكتور عبد الحميد القضاة، ولم يتم البتَّ فيها أيضًا، وقد غابت معظم قيادات الحمائم عن حفل الإفطار السَّنويِّ الذي أقامته الجماعة في الخامس من سبتمبر الجاري.
وفي ظلِّ هذه الأوضاع؛ حيث لا تُعتَبَر هذه الاستقالات الأولى من نوعها في السنوات الأخيرة؛ حيث سبقتها استقالات أخرى في العام 2006م، تقدمها عضو المكتب التَّنفيذيِّ سعود أبو محفوظ، تقدَّم القُضاة وقياداتٌ أخرى في الجماعة، بمبادرةٍ غير واضحةِ المعالم لتحقيق التَّوافُق بين التَّيَّارات المختلفة لإخوان الأردن.
واعتبر مُتخصصون في شئون الجماعات الإسلاميَّة بالأردن، أنَّ تقديم الاستقالات، وفشل مبادرات ووساطات العقلاء في الجماعة، قد يؤدِّي إلى استقالة الحمائم من جميع هيئات الجماعة وذراعها السِّياسيَّة، حزب جبهة العمل الإسلاميِّ، ممَّا يعني انقسامًا عميقًا في الجماعة، فيما تؤكِّد مصادر سياسية أن الحكومة الأردنية تراقبها وأنها ستتخذ قرارا في كيفية التعامل مع الجماعة بناء على مخرجاتها.
ولعلَّ فيما ورد في الكلمة المتلفزة التي نُشِرَت على موقع الجماعة بمناسبة حلول شهر رمضان، والتي دعا فيها المراقب العام لإخوان الأردن الدُّكتور همام سعيد إلى "الاعتصام بحبل الله، والاستمساك بكتاب الله، ونبذ جوائح الفرقة"، دلالةٌ مهمَّةٌ في رصد طبيعة الوضع في الأردن.
إلا أنَّه يبقى أنْ نُؤكِّد أخيرًا على أنَّ مثل هذه الخلافات والانشقاقات يحدث مثلها في أيٍّ من الحركات أو الأحزاب السِّياسيَّة عبر العالم، فما البال والوضع يتعلَّق هنا بحركةٍ كبيرة الحجم واسعة الانتشار ثقيلة الوزن عتيقة التَّاريخ، مثل جماعة الإخوان المسلمين.
وهنا يجب التأكيد أنَّه بالرَّغم من كلِّ ما يحدث من انشقاقاتٍ داخل صفوف الجماعة إلا أنَّ مثل هذه الأزمات لا تُهدِّد الجماعة في وجودها أو استمرارها؛ حيث إنَّ الجماعة وصلت إلى قدرٍ من المُؤسَّسيَّة لم تصل إليه الكثير من الأجهزة الحكوميَّة والأحزاب والهيئات السِّياسيَّة عبر العالم العربيِّ..

......


0 تعليقات:


تقرأون في العدد الجديد



تركيا.. بين الحنين للأصل والتَّوجُّه غربًا!!...


كانت منطقة الشَّرق الأوسط خلال الفترة القليلة الماضية على موعدٍ مع ظهور لاعبٍ جديدٍ في الُّلعبة السِّياسيَّة الإقليميَّة..


تحالفاتٌ مصريَّةٌ جديدةٌ.. "مايحكومشِ"!!...

ولا نَزَالُ مع قضيَّة السَّاعة على السَّاحة السِّياسيَّة المصريَّة، وهي قضيَّة التَّحالُفات الوطنيَّة في مصر






صناعة الدَّواء في مصر.. صناعةٌ إستراتيجيَّةٌ في قبضة الاحتكارات!!...






تركيا.. الحنين إلى الشَّرق والتَّطلُّع إلى الغرب..
ملف خاص عن تركيا ...






الإخوان المسلمين.. انشقاقاتٌ.. ولكن هل من تأثيراتٍ؟!...
أنشطة المُخابرات الإسرائيليَّة والغربيَّة في السُّودان
رؤيةٌ أمريكيَّةٌ مُغايرةٌ حول المشهد المصري



الوجود العسكريُّ الأمريكيُّ في العالم العربيِّ ومخاطره





جمهوريَّات الموز".. من أمريكا الوسطى إلى الشَّرق الأوسط!!...





القرار ١٨٩١ (٢٠٠٩) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في ١٣ أكتوبر ٢٠٠٩ بشأن السُّودان...





الصحافة العالمية في الأسبوع

لا عجب في كَوْن حماس ليست خائفةً!!



صورة العدد 8



فريق العمل

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التَّحرير

عبد الجليل الشَّرنوبي

مدير التَّحرير

أحمد التلاوي

المشرف العام

علاء عيَّاد

فريق التَّحرير (بحسب التَّرتيب الأبجدي)

أحمد عبد الفتَّاح

إيمان إسماعيل

الزَّهراء عامر

سامر إسماعيل

شيماء جلال

عبد العظيم الأنصاري

كارم الغرابلي

مراجعة لغويَّة

أحمد محمود

تنفيذ وإخراج

أحمد أبو النَّجا

تصوير

محمد أبو زيد

باحثون ومشاركون من الخارج

مُحمَّد الشَّامي

الموقع الإلكتروني

أحمد عبد الفتاح


لافضل تصفح