في عيون الغرب... جمال مبارك رئيس مصر القادم.. غير المُنْتَخَبِ!!

المصدر: صحيفة (ميدل إيست أون لاين) الإلكترونيَّة
التَّاريخ: 6 نوفمبر 2009م
المُؤلِّف: راني أميري
ترجمة: سامر إسماعيل
*.*.*
"في مصر, الرَّئيس المصريُّ حسني مبارك المدعوم من الولايات المتحدة قد أمضى مُعْظَمَ فترة حكمه، والتي بلغت 28 عامًا، في تخويف وتهديد المُعارضين السِّياسيِّين وقَمْع المُعارضة وإسكات كل من يجرؤ على تحدي سلطته"
ملاحظات راني أميري
*.*.*
إنَّه لأمرٌ مُسلٍّ أنْ نُشاهد كيفيَّة قيام الأنظمة الاستبداديَّة بتزويد نفسها بزخارفِ الدِّيمُقراطيَّة، مثل الحزب والبرلمان والانتخابات، التي تستخدمها الأنظمة غير الدِّيمُقراطيَّة لتُضفي على حُكْمِها نوعًا من الشَّرعيَّة.
في مصر, الرَّئيس حسني مُبارك الذي ظلَّ في الحكم مُدَّة 28 عامًا بدعمٍ من الولايات المُتَّحدة يُعتبر مثالاً جيِّدًا يُعبِّر عن تلك الأنظمة الاستبداديَّة التي تستخدم زخارف الدِّيمُقراطيَّة لتُضفي على حكمها نوعًا من الشَّرعيَّة.
فعلى الرَّغم من فوز الرَّئيس مُبارك بالأغلبيَّة في انتخابات الرَّئاسة عام 2005م، وحصول الحزب الوطني الدِّيمقراطيِّ على الأغلبيَّة في البرلمان منذ تولِّيه رئاسة الجمهوريَّة عام 1981م، إلا أنَّ هناك سمةٌ بارزةٌ لسلوك حكمه، فقد دأبت الحكومات المُتعاقبة في عقده على تخويف وتهديد المُعارضين السِّياسيِّين، وقمع المُعارضة وإسكات كلِّ من يجرؤ على تحدِّي سلطته.
مصر بالفعل أصبحت مثالاً للدَّولة البوليسيَّة، فمُبارك لم يحكم يومًا واحدًا بدون استخدام الصَّلاحيَّات المُطلقة التي منحها له قانون الطَّوارئ الذي تم إعادة العمل به مُجدَّدًا بعد اغتيال الرَّئيس الرَّاحل أنور السَّادات. هذا القانون أتاح للرَّئيس المصريِّ استخدام سلطاتٍ واسعةٍ تُعطي الحقَّ لقُوَّات أمن الدَّولة للقبض على أيِّ شخصٍ دون أمرٍ قضائيٍّ، واحتجاز أيِّ مواطنٍ لأجلٍ غير مُسمَّىً من دون توجيه تهمةٍ له، ومحاكمة المدنيِّين أمام محاكمَ عسكريَّةٍ، وفرض رقابةٍ على وسائل الإعلام، وتقيِّيد المُنظَّمات السِّياسيَّة وحرية التجمع كما ويعطي هذا القانون للجهات الأمنية الحق في الرقابة على وسائل الإعلام والمواد التي يتم نشرها وإذاعتها.
كل هذه الصلاحيَّات استفاد منها كاملةً الرَّئيس المصريُّ حسني مبارك ، خاصَّة مع أكبر جماعةٍ مُعارضةٍ في مصر، وهي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميًّا، والتي يتم اعتقال أعضائها بشكلٍ روتينيٍّ؛ حيث يتعرَّضون للسَّجْن والتَّعذيب بفعل السُّلطات الواسعة التي منحها قانون الطَّوارئ للرَّئيس المصريِّ.
تساؤلاتٌ وتكهُّناتٌ حول الخليفة المحتمل لمُبارك أثارتها وسائل الإعلام في مصر، وتناولها الرَّأي العام ووصلت إلى ذِروتها هذا الأسبوع مع انعقاد المؤتمر السَّنويِّ السَّادس للحزب الوطنيِّ الدِّيمُقراطيِّ الحاكم.
حسني مُبارك لم يُعيِّن نائبًا، له وهذا يُعدُّ انتهاكًا صريحًا ومُباشرًا للدُّستور. فهل يسعى مبارك لإعادة انتخابه عام 2011؟، أم سيُعلِن جمال مبارك نجل الرَّئيس المصريِّ البالغ من العمر 46 عامًا، والذي يُعْتَقَدُ أنَّه الوريث السِّياسيِّ لمبارك، عن عزمه خوض انتخابات الرَّئاسة عام 2011؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، من الحكمة أنْ نذكر كيف تصرَّف الرَّئيسُ المصريُّ حسني مُبارك في أوَّل انتخاباتٍ رئاسيَّةٍ تعدُّديَّةٍ ومُباشرةٍ في العام 2005.
وسط اتِّهاماتٍ بتزوير الانتخابات، وفي ظلِّ حظر الحكومة لنشاط الرَّقابة المدنيَّة على الانتخابات الرَّئاسيَّة عام 2005، جاءت النَّتائج كالتَّالي: حصول مُبارك على 88% من الأصوات، في حين حصل مُنافسه الرَّئيسيُّ أيمن نور زعيم حزب الغد المصريِّ حينها على 7% فقط من الأصوات وحلَّ في المرتبة الثَّانية.
نريد أنْ نعترف بأنَّ النِّظام المصريَّ أحسَّ بالقلق من أيمن نور، واعتبر أنَّه قد يُشكِّل تحديًا كبيرًا في حالة خوضه لانتخاباتٍ أخرى ضد جمال مبارك، لذلك تمَّ تلفيق تهمة تزوير له بعد فترةٍ قصيرةٍ من انتخابات الرَّئاسة عام 2005م، وبالتالي تمَّ سجْنه، وتعرَّض للتَّعذيب لمُدَّةِ أربع سنواتٍ قبل أنْ يُفْرَجَ عنه في فبراير الماضي بسبب تدهور حالته الصِّحيَّة.
ولكن بعد مُضيِّ بضعة أشهرٍ على الإفراج عنه، تعرَّض نور لهجومٍ باستخدام مادَّةٍ حارقةٍ أُلقيت على وجهه من قِبَلِ شخصٍ يقود درَّاجةٍ ناريَّةٍ، اتَّهم بعدها نور عناصرَ لم يُسمِّها في النِّظام بالمسئوليَّة عن الهجوم.
جمال مبارك يترأَّس حاليًا لجنة السِّياسات بالحزب الوطنيِّ الدِّيمُقراطيِّ، وعلى الرَّغم من كلمته الطَّويلة التي ألقاها على الحضور في المؤتمر السَّادس للحزب، إلا أنَّه لم يكشف عن نواياه، لا هو ولا والده بالنِّسبة لانتخابات الرَّئاسة عام 2011.
ينبغي أنْ يكون مفهومًا للجميع أنَّ مجرد الافتراض بأنَّ حُسني مُبارك قد يُمهِّد الطَّريق لابنه لخلافته لها مخاطرها.
في العام 2001 حُكِمَ على المُنشقِّ السِّياسيِّ المصريِّ البارز الدُّكتور سعد الدِّين إبراهيم بالسَّجْن مُدَّة سبعِ سنواتٍ لأنَّه افترض بأنَّ مُبارك يفعل ذلك، إلا أنَّه حصل على البراءة عام 2003.
كتب إبراهيم عام 2007 قائلاً: "مِثل بقيَّة الأنظمة المُستبدَّة التي تفتقد للشَّرعيَّة حاول مُبارك أنْ يُحْكِمَ قبضته على السُّلطة، فأُسرته تقوم بإعداد ابنه جمال البالغ من العمر 44 عامًا لخلافة والده، وأيُّ مُنافسٍ حقيقيٍّ أو مُحتملٍ وخاصة المعروفين بأنَّ لديهم كاريزما مُعينةٌ يتم التَّشهير بهم وسَجْنَهم وطردَهم من البلاد أو القضاء عليهم".
منذ إطلاق سراحه قام أيمن نور بتشكيل تحالفٍ من جماعات المُعارضة، وتضمُّ يساريِّين وليبراليِّين وإسلاميِّين، تحت اسم "الحملة المصريَّة ضد التَّوريث"، فجميعهم مُتَّحدٌ من أجل مَنع توريث الحُكم ووصول جمال مبارك لرئاسة الجمهوريَّة.
بعد أسبوعٍ واحدٍ من الإعلان عن تشكيل التَّحالُف، قامت قوات الأمن بالاعتداء على مكاتب أيمن نور وعلى أفراد الحزب والتَّحالُف الذين تواجدوا في مكتبه.
هناك أسماءٌ أخرى يتم تداولها بجانب جمال مبارك، ومن المحتمل أنْ تخوض انتخابات الرَّئاسة عام 2011، مثل محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذَّريَّة، وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدِّول العربيَّة، وعُمر سليمان المدير الحالي لجهاز المُخابرات العامَّة المصريَّة.
ولكن في مصر، وبما أنَّ البنية الأساسيَّة للنِّظام السِّياسيِّ مرتبطةٌ بجهاز أمن الدَّولة، فلن تكون هناك انتخاباتٌ مفتوحةٌ ونزيهةٌ على الرَّغم من تصريحات مُبارك وكبار المسئولين بأنَّ الانتخابات القادمة ستكون حرَّةٌ ونظيفةٌ، فالاحتمالات الحقيقيَّة والواقعيَّة تُرجِّح أنْ يكون جمال هو الرَّئيس القادم إذا لم يترشَّح مُبارك أو سليمان للانتخابات.
تمامًا كما حصل مع الملك عبد الله عاهل الأردن، وبشار الأسد في سوريا، وكما تجري نفس المحاولات الآن في ليبيا مع سيف الإسلام القذافي، فإنَّ ابن الدِّيكتاتور يتولَّى الحُكم بعد والده، أمَّا في مصر فسيتولَّى الحُكم المرشح الذي تُقرُّه واشنطن، وللأسف ستكون هناك مساحةٌ ضيِّقةٌ جدًّا للشَّعب المصريِّ كي يقول كلمته..

0 تعليقات:


تقرأون في العدد الجديد



تركيا.. بين الحنين للأصل والتَّوجُّه غربًا!!...


كانت منطقة الشَّرق الأوسط خلال الفترة القليلة الماضية على موعدٍ مع ظهور لاعبٍ جديدٍ في الُّلعبة السِّياسيَّة الإقليميَّة..


تحالفاتٌ مصريَّةٌ جديدةٌ.. "مايحكومشِ"!!...

ولا نَزَالُ مع قضيَّة السَّاعة على السَّاحة السِّياسيَّة المصريَّة، وهي قضيَّة التَّحالُفات الوطنيَّة في مصر






صناعة الدَّواء في مصر.. صناعةٌ إستراتيجيَّةٌ في قبضة الاحتكارات!!...






تركيا.. الحنين إلى الشَّرق والتَّطلُّع إلى الغرب..
ملف خاص عن تركيا ...






الإخوان المسلمين.. انشقاقاتٌ.. ولكن هل من تأثيراتٍ؟!...
أنشطة المُخابرات الإسرائيليَّة والغربيَّة في السُّودان
رؤيةٌ أمريكيَّةٌ مُغايرةٌ حول المشهد المصري



الوجود العسكريُّ الأمريكيُّ في العالم العربيِّ ومخاطره





جمهوريَّات الموز".. من أمريكا الوسطى إلى الشَّرق الأوسط!!...





القرار ١٨٩١ (٢٠٠٩) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في ١٣ أكتوبر ٢٠٠٩ بشأن السُّودان...





الصحافة العالمية في الأسبوع

لا عجب في كَوْن حماس ليست خائفةً!!



صورة العدد 8



فريق العمل

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التَّحرير

عبد الجليل الشَّرنوبي

مدير التَّحرير

أحمد التلاوي

المشرف العام

علاء عيَّاد

فريق التَّحرير (بحسب التَّرتيب الأبجدي)

أحمد عبد الفتَّاح

إيمان إسماعيل

الزَّهراء عامر

سامر إسماعيل

شيماء جلال

عبد العظيم الأنصاري

كارم الغرابلي

مراجعة لغويَّة

أحمد محمود

تنفيذ وإخراج

أحمد أبو النَّجا

تصوير

محمد أبو زيد

باحثون ومشاركون من الخارج

مُحمَّد الشَّامي

الموقع الإلكتروني

أحمد عبد الفتاح


لافضل تصفح