لا شك أنَّ الدَّور الذي لعبته وتلعبه الصَّحافة الشَّعبيَّة مثل المُدوَّنات ومواقع التَّفاعُل الاجتماعيِّ مثل (فيس بوك) و(تويتر) و(يو. تيوب)، وغيرها من المواقع، بات ايجابيًّا فيما يخص مستوى التأثير على الحكومات بالعالم، والدليل على ذلك هو ما جرى مؤخرًا في إيران؛ حيث جرى استخدام هذه الأدوات بكفاءةٍ وفاعليةٍ، كإعلامٍ قائمٍ على "المواطن العادي" بديلاً عن الصَّحفيِّ والإعلاميِّ بعد أنْ منعت أو حظرت السُّلطات الإيرانيَّة عمل المراسلين والإعلاميِّين، وبالتَّالي أصبحت هذه المواقع المصدر الوحيد لوكالات الأنباء والفضائيَّات العالميَّة في تغطية الأحداث في إيران
ومن قبل، كان إضراب "6 أبريل" الذي أصبح طقسًا سنويًّا في مصر، وما يصاحبه في الغالب من تعاملٍ غاشمٍ للأمن، كانت مساحة المشاركة الأكبر في التَّغطية الإعلاميَّة له قائمةٌ على المُدوِّنين الذين كان تواجدهم في مكان الحَدَث أسبق عن الصَّحفيِّين والإعلاميِّين، وهو الحدث نفسه الذي كشف طبيعة تعامُل الإعلام الحكوميِّ مع مثل هذه الفعاليَّات، ما بين تغطيةٍ مُتحيِّزةٍ أو التَّعتيم الإعلاميِّ الكامل (!!)، مع الاختفاء الاختياري أو الإجباري لوسائل إعلامٍ أخرى غير حكوميَّةٍ.
وما يُفسِّر تنامي الصَّحافة الشَّعبيَّة المستمر في المنطقةِ العربيَّة أنَّها من المناطق المُصنَّفة عالميًّا على أنَّها في ذيل قائمة حُرِّيَّة الصَّحافة، وتحت أنظمةِ حكمٍ "تُحرِّم" حُرِّية الرَّأي والصَّحافة، في أبريل من العام 2008م كان يوجد 160 ألف مُدونةٍ في مصر، وفي مايو الماضي زاد عدد المدونات إلى 230 ألف مدونةٍ، في حين أنَّ المنطقة العربية وصل عدد المُدوَّنات فيها إلى 400 ألف مُدوَّنةٍ.
وتعتمد قوَّة ومصداقيَّة الصَّحافة الشَّعبيَّة على أنَّها من الشَّارع وللشَّارع، وهو ما يُضفِي عليها الصِّياغة المُبسَّطة للحدث، وهو ما يُفرِّقُها عن الكِتابة الحِرَفيَّة التي تُكتَب وتُراجَع، وما يمكن أنْ يُزاد عليها أو يُحْذَفُ منها.
وهذه الطَّريقة الذَّاتيَّة في الكتابة تُمثِّل دعمًا لهذا النَّوع من وسائل الإعلام الجديدة، كما أنَّ المُدوَّنات تمنح وسائلَ عديدةَ للنَّشر بأشكاله المُتعدِّدة السمعيَّة والبصريَّة.
ومما يُثبت نجاح الصَّحافة الشَّعبيَّة وقدرتها على التَّأثير الإيجابيِّ والمُشاركة في تشكيل الرَّأى العام، أنَّها أصبحت المساحة الوحيدة المُتاحة للنَّشر بلا رقابةٍ أو تدخلٍ أمنيٍّ.
ولعل النجاح الأكبر للصَّحافة الشَّعبيَّة في مصر كان خلال تغطيتها لقضايا الحريات والتعذيب، والذي ظهر في صور التَّعذيب أو مشاهد فيديو عرفت بكليبات التعذيب، وهو ما جعل من (يو. تيوب) ديوان المظالم في العالم بأسره في الوقت الرَّاهن..
اتِّجاهات
0 تعليقات:
Post a Comment