موسوي.. إصلاحيٌّ "عميلٌ" أم وجهٌ آخرٌ للنِّظام؟!...

إعداد: وحدة الدِّراسات والبحوث
صَارَتْ صورته وهو يرفع أصبعه الملوَّن بالحبر الفسفوري الذي لا يُمْحى، أو وهو واقفٌ وسط حشود أنصاره في أكبر ميادين العاصمة الإيرانيَّة طهران رمزًا سياسيًّا وأيقونةً إعلاميًّةً مُهمَّة، سادت الإعلام العالمي لأشهرٍ كانت هي الأسخن في إيران منذ اندلاع ثورة الخوميني في العام 1979م.
وربما يعجب البعض عندما يسمع أنَّ رجلاً تخطَّى السِّتِّين من العمر، يتبنَّى الأفكار الإصلاحيَّة، يُنافِس رجلاً في الخمسينيَّات من العُمر، يتبنَّى الفِكر المُحافِظ، لكن هذه الحقيقة التي تجسَّدت بوضوحٍ في الانتخابات الرَّئاسيَّة الإيرانيَّة الأخيرة، جعلت من المُرشَّح الرَّئاسي الخاسر حسين موسوي أحد أشهر الوجوه السِّياسيَّة الإعلاميَّة في العالم هذا العام.
ولعلَّ النُّقطة الأكثر إثارةٍ للعجب حول هذا الرَّجُل، أنَّنا نتحدَّث هنا عن سياسيٍّ تحوَّل من كونه كان أحد أعمدة النِّظام الإيرانيِّ في الثَّمانينيَّات الماضية إلى مُنافسٍ لأحد أكبر المؤيَّدين من قِبَل نظام الملالي الإيراني، ليس هذا فحسب بل وقاد حِراكًا شعبيًّا كاد أنْ يُطيح بالنِّظام الذي شارك في تأسيسه بنفسه.. وأهمِّيَّة هذا الحدث هي التي خلقت أهمِّيَّة هذا الشَّخص، ولذلك وجب علينا إلقاء بعض الأضواء على هذه الشَّخصيَّة.
موسوي، الذي اتَّخذ من الَّلوْن الأخضر شعارًا لحملته الانتخابيَّة، مولودٌ في الثَّاني من مارس من العام  1942م، في مدينة خامنه قرب تبريز، عاصمة إقليم أذربيجان الواقع إلى الشَّمال الشَّرقيِّ لإيران، ويحمل شهادة الماجستير في الهندسة المعماريَّة وتخطيط المدن من جامعة طهران، التي تخرج منها عام 1970م، ويُجيد الُّلغتَيْن الإنجليزيَّة والعربيَّة.
وموسوي مُصنَّفٌ ضِمن التَّيَّار الإصلاحيِّ في النِّظام الإيرانيِّ، وله ميولٌ اشتراكيَّةٌ فيما يتعلَّق بالقضايا الاقتصاديَّة.
وبعد تخرُّجه من كُلِّيَّة الهندسة تولَّى موسوي التَّدريس في نفس الكُلِّيَّة التي تخرَّج فيها، ثُمَّ ترأَّس تحرير صحيفة (جمهوري إسلامي) النَّاطقة باسم حزب لجمهوريَّة الإسلاميَّة الحاكم في إيران، كما يتولَّى حاليًا الإشراف على الأكاديميَّة الإيرانيَّة للفنون.
وخلال دراسته الجامعيَّة انخرط في الحركة الطّلابيَّة المُناهِضة لحكم شاه إيران محمد رضا بهلوي، وبعد تخرُّجِه مباشرةً أسَّس حركة عُرِفَت بـ"حركة الإيرانيِّين الإسلاميَّة".
وانضم موسوي إلى ثورة الخُوميني عام 1979م، وتولَّى وزارة الخارجيَّة في عهد الرَّئيسَيْن أبو الحسن بني صدر ومحمد علي رجائي، كما تقلَّد مَنْصِب مدير المكتب السِّياسيِّ لحزب الجمهوريَّة الإسلاميَّة.
وفي أكتوبر من العام 1981م، أصبح موسوي رئيسًا للوزراء؛ ليظلَّ في هذا المنصب حتى إلغائه إثر إدخال تعديلاتٍ على الدُّستور الإيرانيِّ عام 1988م، ليكون بذلك رئيس وزراء إيران طِيلَة فترة الحرب العراقيَّة الإيرانيَّة، وتمَّ تكريمه لنجاحه في إدارة الاقتصاد الإيرانيِّ أثناء الحرب، وهو عضوٌ في مجلس تشخيص مصلحة النِّظام.
عمل موسوي مستشارًا للرَّئيس الإيرانيِّ الإصلاحيِّ محمد خاتمي، الذي تولَّى الحكم في الفترة بين عامَيْ 1997م و2005م، إلا أنَّه ابتعد بعد انتهاء فترة رئاسة خاتمي عن عالم السِّياسة، ليعود إلى الأضواء مرَّةً أخرى بعد قراره التَّرشُّح لمواجهة محمود أحمدي نجاد في انتخابات الرَّئاسة الإيرانيَّة؛ حيث انسحب خاتمي لصالحه، وحَظِيَ بدعمٍ من علي أكبر هاشمي رافسنجاني رئيس مجلس الخبراء، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النِّظام الإيرانيِّ.
طعن موسوي في نتائج الانتخابات التي أُجريت في يونيو عام 2009م، وبدأ في قيادة مظاهراتٍ في الشارع ضد نتائج الانتخابات التي جاءت لصالح الرئيس نجاد، والذي كان مدعومًا من المُرْشِدِ الأعلى للجمهوريَّة الإيرانيَّة علي خامنئي، فيما تلقَّى موسوي دعمًا من قِبَلِ عددٍ من آيات الله في مدينة "قُم"، ومن أبرزهم آية الله العظمى حسين علي منتظري، والذي كان من المفترَض أنْ يتولَّى منصب خامنئي عقب وفاة الخوميني.
تعرض أنصاره لضرباتٍ أمنيَّةٍ وقضائيَّةٍ مُتتاليةٍ من قِبَلِ النِّظام الإيرانيِّ الذي استخدم القوَّة لفضِّ المُظاهرات التي راح ضحيَّتُها العشرات، واعتُقِلَ فيها المئات، وكادت أنْ تَعصِف بالنِّظام الإسلاميِّ الإيرانيِّ!!
ولكن، هناك في النَّهاية تساؤل حول فهم مدى ابتعاد موسوي عن النِّظام الإيرانيِّ وقِيَمِه وثوابته، بعد هذا التَّاريخ الحافل مع هذا النِّظام.. فهل هو "خائنٌ" بحسب وصف إعلام إيران الرَّسميِّ له؟!، أم كل ما جرى إنما عبارة عن صيرورات حركة في إطارٍ واحدٍ، وهو النِّظام الإيرانيِّ؟!..


0 تعليقات:


تقرأون في العدد الجديد



تركيا.. بين الحنين للأصل والتَّوجُّه غربًا!!...


كانت منطقة الشَّرق الأوسط خلال الفترة القليلة الماضية على موعدٍ مع ظهور لاعبٍ جديدٍ في الُّلعبة السِّياسيَّة الإقليميَّة..


تحالفاتٌ مصريَّةٌ جديدةٌ.. "مايحكومشِ"!!...

ولا نَزَالُ مع قضيَّة السَّاعة على السَّاحة السِّياسيَّة المصريَّة، وهي قضيَّة التَّحالُفات الوطنيَّة في مصر






صناعة الدَّواء في مصر.. صناعةٌ إستراتيجيَّةٌ في قبضة الاحتكارات!!...






تركيا.. الحنين إلى الشَّرق والتَّطلُّع إلى الغرب..
ملف خاص عن تركيا ...






الإخوان المسلمين.. انشقاقاتٌ.. ولكن هل من تأثيراتٍ؟!...
أنشطة المُخابرات الإسرائيليَّة والغربيَّة في السُّودان
رؤيةٌ أمريكيَّةٌ مُغايرةٌ حول المشهد المصري



الوجود العسكريُّ الأمريكيُّ في العالم العربيِّ ومخاطره





جمهوريَّات الموز".. من أمريكا الوسطى إلى الشَّرق الأوسط!!...





القرار ١٨٩١ (٢٠٠٩) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في ١٣ أكتوبر ٢٠٠٩ بشأن السُّودان...





الصحافة العالمية في الأسبوع

لا عجب في كَوْن حماس ليست خائفةً!!



صورة العدد 8



فريق العمل

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التَّحرير

عبد الجليل الشَّرنوبي

مدير التَّحرير

أحمد التلاوي

المشرف العام

علاء عيَّاد

فريق التَّحرير (بحسب التَّرتيب الأبجدي)

أحمد عبد الفتَّاح

إيمان إسماعيل

الزَّهراء عامر

سامر إسماعيل

شيماء جلال

عبد العظيم الأنصاري

كارم الغرابلي

مراجعة لغويَّة

أحمد محمود

تنفيذ وإخراج

أحمد أبو النَّجا

تصوير

محمد أبو زيد

باحثون ومشاركون من الخارج

مُحمَّد الشَّامي

الموقع الإلكتروني

أحمد عبد الفتاح


لافضل تصفح