لماذا لم تستطع ايران قمع الثَّورة الخضراء؟!..

كتب أحمد عبد الفتاح

"موسوي، نجاد، تويتر" أشهر ثلاثة أسماء برزت في أحداث إيران الأخيرة، التي اشتعلت عقب الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرَّئاسيَّة الإيرانيَّة الأخيرة، والتي جَرَت يوم 12 يونيو الماضي.
الاسمَيْن الأوَّلين هما الطرفَيْن المتنازعَيْن، المرشح الإصلاحي الخاسر مير حسين موسوي، والرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، أمَّا الثَّالث، وهو (تويتر) فلم يكن أكثر من موقعٍ على شبكة الإنترنت.


فوسط أزمة احتجاجات الشَّارع الإيرانيِّ على تزوير نتائج الانتخابات لصالح الرَّئيس محمود أحمدي نجاد، واستمرار تحكُّم سلطات الوليُّ الفقيه في وسائل الإعلام المحليَّة، وحجبها المواقع الإلكترونيَّة المؤيدة للمرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، ومنعها الصَّحفيِّين الأجانب من تغطية الانتخابات والأحداث الدَّامية التي تلتها؛ لجأ الشَّباب الإيرانيِّ إلى الموقع الاجتماعي (تويتر) في محاولة لإيصال أخبارهم إلى العالم الخارجيِّ، والتَّعبير عن احتجاجهم والمطالبة بإعادة الانتخابات ووقف الحملات الأمنيَّة الدَّامية ضد المتظاهرين.
وبدورها لجأت الصَّحافة العالميَّة إلى (تويتر) الذي استعصى على الرَّقابة والحجب، وأصبح المصدر الرَّئيسيِّ لأخبار الانتهاكات في إيران.
فعلي سبيل المثال كان من الطبيعي جدًّا وقت اشتعال أحداث إيران، أنْ تصلك رسالة عبر حساب (تويتر) الخاص بك تقول: "تنبيه.. مسيرة موسوي ما زالت في موعدها في الخامسة مساء"، أو "حظًّا سعيدًا في المسيرة. لا تأخذوا سياراتكم.. سيكونون في انتظاركم حينما تعودون إليها".
اذن فقد كان (تويتر) هو وسيلة التَّواصُل رقم واحد في أحداث لإيران، ولكن في البداية يبرز التَّساؤُل ما هو (تويتر)؟
ما هو (تويتر)؟:
موقع (تويتر) هو موقع شبكات اجتماعيَّة يقدم خدمة التَّدوين المصغر "Mini Blog"، والتي تسمح لمستخدميها بإرسال تحديثات "Tweets" عن حالتهم، وبحدٍّ أقصى 140 حرفٍ للرِّسالة الواحدة، وذلك مباشرةً عن طريق موقع (تويتر) أو عن طريق رسائل نصية قصيرة "SMS"، أو عبر برامج المحادثة الفوريَّة أو التَّطبيقات التي يقدمها المطوِّرون مثل (فيس بوك) و(Twit terrific) و(Twhirl) و(twitter fox).

وتظهر هذه التَّحديثات في صفحة المُستخدِم، ويمكن أنْ يقرأها الأصدقاء مباشرةً من صفحاتهم الخاصَّة أو زيارة ملف المُستخدِم الشَّخصيِّ، وكذلك يمكن استقبال الرُّدود والتَّحديثات عن طريق البريد الإلكترونيِّ، وخلاصة الأحداث "RSS" وعن طريق رسائل "SMS" (في بعض البلدان)، وذلك باستخدام أربعة أرقامٍ خدميَّةٍ تعمل في كلٍّ من الولايات المتحدة وكندا والهند، بالإضافة للرَّقم الدَّوليِّ، والذي يمكن لجميع المستخدمين حول العالم الإرسال إليه في المملكة المتحدة.
نشأة موقع (تويتر):
ظهر موقع (تويتر) في أوائل العام 2006م كمشروع تطويرٍ بحثيٍّ أجرته شركة "Obvious" الأمريكيَّة، وبعد ذلك أطلقت الشَّركة رسميًّا للمستخدمين بشكلٍ عامٍ في أكتوبر من العام نفسه، 2006م، وبعد ذلك بدأ الموقع في الانتشار كخدمةٍ جديدةٍ على السَّاحة في العام 2007م، من حيث تقديم التَّدوينات المُصغَّرة، وفي أبريل من العام 2007م قامت شركة "Obvious" بفصل الخدمة عن الشَّركة، على أنْ تُصبِح شركةً جديدةً باسم "Twitter".
طريقة عمل موقع (تويتر):
يمكن للمستخدمين الاشتراك في موقع (تويتر) بشكلٍ مباشرٍ عن طريق التَّسجيل من خلال الصَّفحة الرَّئيسيَّة للموقع، وبذلك يتكوَّن لديهم ملفٌ شخصيٌّ باسم الحساب "Account"؛ حيث تظهر آخر التَّحديثات بترتيبٍ زمنيٍّ.
تدور التحديثات حول سؤالٍ رئيسيٍّ: "ماذا تفعل الآن؟" أو "What are you doing?"، ولا تتجاوز كما سبق القول 140 حرفًا، وبعد أنْ يقوم المستخدم بتحديث حالته ترسل تلك التَّحديثات إلى الأصدقاء.
لم يتوقف الموقع عند لغته الأم "الإنجليزيَّة" فقط، ولكنَّه وفي أبريل من العام 2008م، قام الموقع بإطلاق الإصدار الياباني منه، وذلك لكثرة عدد المستخدمين له في اليابان ونشاطهم البارز على الموقع، ولقيت النُّسخة اليابانيَّة استحسان المُستخدمين في اليابان، وتفوَّقت بشكلٍ أكبرٍ على النُّسخة الرَّئيسيَّة الإنجليزيَّة؛ حيث أصبح في الإمكان وضع إعلاناتٍ في النُّسخة اليابانيَّة، على عكس النُّسخة الإنجليزيَّة التي لا تدعم نظام الإعلانات حتى اللحظة.
ولكن السُّوال الأبرز والأهم الآن، هو لماذا لم تسطع السُّلطات الإيرانيَّة حجب موقع (تويتر)، والوقوف في وجه "الثورة الخضراء" عليه بالرَّغم من أنَّها نجحت في هذا الأمر مع مواقعِ شبكاتٍ اجتماعيَّةٍ أخرى، مثل (فيس بوك) و(يو. تيوب)؟!
(تويتر) يتحدى الرَّقابة:
استعصى (تويتر) على الرَّقابة الحكوميَّة بإيران بسبب أنَّ طبيعة تصميمه تسمح لمستخدميه بالوصول إليه وبثُّ الرَّسائل من خلاله بطرقٍ مختلفةٍ، حتى من دون الحاجة للدُّخول على الموقع نفسه، فقد صُمِّم الموقع ليكون أقوى من أيِّ نظامٍ رقابيٍّ، ما جعل تطبيق الحجب عليه من قِبَلِ السُّلطات الإيرانيَّة أمرٌ صعبٌ جدًّا.
وبالرَّغم من تمكُّن السُّلطات من حجب المدوَّنات ومواقعٍ اجتماعيَّةٍ أخرى مثل (فيس بوك)، لم تستطع منع النَّاس من استخدام (تويتر) عن طريق الهواتف النَّقالة وعشرات التَّجهيزات الإلكترونيَّة الأخرى مثل جهاز "تويت دك".
وفي محاولة يائسة لتحجيم المشاركة الواسعة فيه، أعلنت السُّلطات الإيرانيَّة أنَّها ستحاكم أيُّ شخصٍ يستخدم موقع (تويتر) للأغراض السِّياسيَّة الخاصَّة بنتائج الإنتخابات الإيرانيَّة، وحذَّر بيانٌ صادرٌ من الحرس الثوري الإيراني من نشر "أيِّ تحريضٍ" لأعمال شغبٍ أو مظاهراتٍ أو إحتجاجاتٍ أو نشر الشَّائعات المُغرِضَة بشتَّى الطُّرق ومنها الطُّرق التِّكنولوجيَّة، وبشكلٍ أخص من خلال موقع (تويتر)، ومن يتجاوز ذلك، سيخضغ لإجراءاتٍ قانونيَّةٍ صارمةٍ و"سيكلفه الأمر غاليًا".
لكن تقنيات الموقع بإمكانها أنْ تتفادى ذلك أيضًا؛ حيث يُسْمَح للأشخاص بالتَّسجيل بأسماءٍ رمزيَّةٍ من دون الحاجة إلى بياناتٍ مُوثَّقةٍ عن المُسْتَخْدِم، كما يمكن للمُسْتَخْدِم إخفاء رقم الهاتف الذي يرسل "تويتاته" من خلاله.
ولعل تلك الاسباب هي من دفعت (تويتر) ليحتل واجهة الأحداث في إيران، وهو نفسه ما دفع الإدارة الأمريكيَّة الي الطَّلب من إدارة الموقع الي تأجيل عمليَّات إصلاحٍ كان من المُقرَّر لها أنْ تتمَّ في خوادم (تويتر) "Servers"، وقت اشتعال الأحداث في إيران، وكان من المتوقَّع لها أنْ تُوقِف الموقع لنحو يومٍ، كانت ستوقف فيه خدماته، وذلك لإفساح المجال أمام المعارضين الإيرانيِّين لمواصلة استخدامه.


0 تعليقات:


تقرأون في العدد الجديد



تركيا.. بين الحنين للأصل والتَّوجُّه غربًا!!...


كانت منطقة الشَّرق الأوسط خلال الفترة القليلة الماضية على موعدٍ مع ظهور لاعبٍ جديدٍ في الُّلعبة السِّياسيَّة الإقليميَّة..


تحالفاتٌ مصريَّةٌ جديدةٌ.. "مايحكومشِ"!!...

ولا نَزَالُ مع قضيَّة السَّاعة على السَّاحة السِّياسيَّة المصريَّة، وهي قضيَّة التَّحالُفات الوطنيَّة في مصر






صناعة الدَّواء في مصر.. صناعةٌ إستراتيجيَّةٌ في قبضة الاحتكارات!!...






تركيا.. الحنين إلى الشَّرق والتَّطلُّع إلى الغرب..
ملف خاص عن تركيا ...






الإخوان المسلمين.. انشقاقاتٌ.. ولكن هل من تأثيراتٍ؟!...
أنشطة المُخابرات الإسرائيليَّة والغربيَّة في السُّودان
رؤيةٌ أمريكيَّةٌ مُغايرةٌ حول المشهد المصري



الوجود العسكريُّ الأمريكيُّ في العالم العربيِّ ومخاطره





جمهوريَّات الموز".. من أمريكا الوسطى إلى الشَّرق الأوسط!!...





القرار ١٨٩١ (٢٠٠٩) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المعقودة في ١٣ أكتوبر ٢٠٠٩ بشأن السُّودان...





الصحافة العالمية في الأسبوع

لا عجب في كَوْن حماس ليست خائفةً!!



صورة العدد 8



فريق العمل

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التَّحرير

عبد الجليل الشَّرنوبي

مدير التَّحرير

أحمد التلاوي

المشرف العام

علاء عيَّاد

فريق التَّحرير (بحسب التَّرتيب الأبجدي)

أحمد عبد الفتَّاح

إيمان إسماعيل

الزَّهراء عامر

سامر إسماعيل

شيماء جلال

عبد العظيم الأنصاري

كارم الغرابلي

مراجعة لغويَّة

أحمد محمود

تنفيذ وإخراج

أحمد أبو النَّجا

تصوير

محمد أبو زيد

باحثون ومشاركون من الخارج

مُحمَّد الشَّامي

الموقع الإلكتروني

أحمد عبد الفتاح


لافضل تصفح