عندما سئُلِتَ رئيسة الحكومة الإسرائيليَّة في مطلع السَّبعينيَّات جولدا مائير عن أسوأ لحظات حياتها، قالت إنَّها عقب حريق الأقصى في العام 1969م؛ حيث تخوَّفت من موجات الغضب الإسلاميَّة أنْ تزحف على فلسطين وإفناء إسرائيل بسبب ما جرى، وعندما سُئِلَت عن أسعد لحظات حياتها، أجابت أنَّها بعد حريق الأقصى بساعاتٍ قليلةٍ، عندما لم تظهر بوادر لخروج موجات الغضب الإسلاميَّة إزاء ما جرى.
وبالنَّظر إلى ما حدث في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الفائت، نجد أنفسنا أمام ذات الوضع.. الأقصى مُهدَّد بينما أسوأ السِّيناريوهات التي تثير خوف الإسرائيليِّين لم يتحقَّق (!!)، حتى من جانب الفلسطينيِّين أنفسهم، فلم يتجاوز من تجمهر لمنع دخول قطعان المستوطنين لباحات الأقصى المبارك الألف فلسطينيٍّ (!!!!!!).
وبطبيعة الحال لم يتساءل المراقبون كثيرًا عن إمكانيَّة أنْ تندلع انتفاضةٌ ثالثةٌ كما جرى في سبتمبر من العام 2000م، عندما حاول إرييل شارون، الذي كان يتزعَّم المُعارضة الِّليكوديَّة في ذلك الحين اقتحام الأقصى؛ حيث لا توجد أيَّة بوادرٍ الآن لوقوع حدثٍ مماثلٍ.
فما السَّبب؟!.. لعل السَّبب الأساسيُّ هو ما طرأ على أوضاع العالم الإسلاميِّ منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م؛ حيث بات من حقِّ الولايات المتحدة احتلال أي بلدٍ عربيٍّ أو مسلمٍ بدافع مكافحة "الإرهاب"، وباتت المقاومة ضمن هذا "الإرهاب" الذي انضمَّت دولٌ عربيَّةٌ وإسلاميَّةٌ عديدةٌ للولايات المتحدة في حربها ضده.
وكانت المعارضة الإسلاميَّة بطبيعة الحال هي الهدف الأساسي لحكومات هذه الدِّول، والتي وجدتها فرصةٌ لتحجيم القوى الأساسيَّة التي تهدِّد عروش الحكَّام العرب و"المسلمين".
كما أنَّه على المستوى الفلسطيني، شكَّل غياب ياسر عرفات عن المشهد الفلسطينيِّ، وتولِّي شخصياتٌ أخرى تماهت مع المطالب الأمنيَّة الإسرائيليَّة أكثر ممَّا كان الحال فيه أيام ياسر عرفات، العاملَ الأساسيَّ الذي ساعد على عدم وجود تيَّارٍ حقيقيٍّ في الشَّارع الفلسطينيِّ في الضِّفَّة الغربيَّة للتَّحرُّك ضد المُخطَّطات الإسرائيليَّة ضد الأقصى.
فيما- بطبيعة الحال- لا يمكن لقطاع غزَّة المُحاصَر والمأزوم فعل شيءٍ في ظلِّ أوضاعه الحالية..
وعلى ذلك فإنَّ المأساة والمخاطر التي تتهدَّد الأقصى سوف تظل قائمةٌ وتطلُّ برأسها، لحين إشعارٍ آخرٍ.. قد يطول أمدُه الزمنيُّ.
......
اتِّجاهات
0 تعليقات:
Post a Comment