لم يَعُد الحديث عن ملفِّ حقوق الإنسان في مصر ترفًا ثقافيًّا أو موضوعًا محبَّبًا للنَّقاشاتٍ الإعلاميَّة والسِّياسيَّة في المنابر المختلفة في مصر، هذا بفرض أنَّه لدينا منابر؛ حيث إنَّ ملف حقوق الإنسان بات مُلِحًّا في ظل الأوضاع الرَّاهنة التي يمرُّ بها المشهد الحقوقيُّ في مصر.
وفي حقيقة الأمر فإنَّ هناك العديد من الإشكاليَّات المطروحة في هذا الإطار وجب العمل على إضاءتها، وأوَّلها أنَّ ملف حقوق الإنسان في مصر لا يقتصر في مفاهيمه وملفَّاته على القضايا الشَّائعة مثل حرِّيَّة التَّعبير والرَّأي والتَّعذيب في مراكز الشُّرطة والسُّجون والمعتقلات في مصر، بل إنَّ الأمر يتجاوز هذه المفاهيم بكثيرٍ.
فمن خلال مطالعة تقارير المُنظَّمات الحقوقيَّة والجمعيَّات الأهليَّة التي تعمل في رصد واقع حقوق الإنسان المتدهوِر في مصر نجد أنَّ نطاق هذا التَّدهُور قد اتسع ليشمل حتى الحقوق الأساسيَّة للإنسان مثل الحقِّ في العمل والحقِّ في المسكن الملائم؛ حيث تنامت مؤشرات البطالة والعشوائيات إلى حدودِ مخيفةٍ، وبعض الحالات أخذ صورةً مأساويَّةً مثل بقاء أكثر من 20 أسرةً مصريَّةً في العراء أمام أنقاض منازلهم في الدويقة أكثر من عامٍ!!
إذن فانتهاكات حقوق الإنسان في مصر أخذت جانبًا شديد الأهمِّيَّة يمسُّ رفاهية المواطن وصميم حياته اليوميَّة، وإذا كان لذلك دلالاتٍ، فإنَّ الدلالة الأهم له أنَّ الحكم في مصر انتقل من مستوى الحكم الديكتاتوريِّ المُستبدِّ الذي يقمع الحُرِّيَّات والحقوق السِّياسيَّة، إلى مستوى الحكم الفاشل الذي عجز عن القيام بوظائفه، وتحقيق مطالب النَّاس اليوميَّة!!
ولذلك بات من المهم تحويل ملف حقوق الإنسان وصورته الذِّهنيَّة لدى المواطن من وضعيبته الحالية التي تركِّز على مطالب الصَّفوة السِّياسيَّة والثَّقافيَّة في الحقِّ في الكلام والانتقاد إلى مستوىً آخرٍ من العمل الوطني، والذي يُركِّز على مطالب المواطن البسيط من الغالبيَّة السَّاحقة من أبناء المجتمع المصريِّ....
اتِّجاهات
0 تعليقات:
Post a Comment